صيام المخلوقات !!! سبحان الله _3
صيام السلاحف
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تشكل السلاحف مجموعة كبيرة وواسعة الانتشار من رتبة الزواحف،
فمنها ما يعيش في البيئة الأرضية، ويطلق عليه Tortoises، ومنها ما
يعيش في البيئة المائية العذبة، ويطلق عليه Terrapins، ومنها مجموعة
ثالثة تعيش في المياه الملحة ويطلق عليها Turtles.
واتضح من الدراسات الخاصة بهذه المخلوقات أنها على اختلاف أنواعها تمارس
نوعًا من الصيام، تمتنع فيه عن تناول الطعام والشراب، ويستمر هذا الصيام
عدة أشهر كل عام، حيث تقوم هذه السلاحف باللجوء إلى أماكن معينة، وذات
مواصفات خاصة عندما تعلن بدء الصوم والدخول فيه، وهذه الأماكن التي تأوي
إليها هذه الحيوانات تختلف باختلاف أنواعها، ففي السلاحف المائية أيًّا كان نوع الماء
عذبًا أم ملحًا فإن هذه الأنواع تلجأ إلى قاع المجرى المائي وتستقر عليه، وتكف
عن السباحة والحركة والنشاط طيلة فترة الصيام، ولا تعود إلى سابق نشاطها
إلا بانقضاء هذه الفترة.
أما السلاحف الأرضية فتلجأ إلى مكان رطب ظليل يحتوي على الأعشاب الرطبة
والمبللة بالماء، فتعمد إلى هذه الأماكن، وتقوم بدفن نفسها تحت التربة، أو أسفل
هذه المواد والمخلفات، وتدخل في مرحلة تصوم فيها عن الطعام والشراب، وتستمر
فترة البيات أو السكون هذه لمدة طويلة تصل إلى عدة أشهر.
ولما كانت الرطوبة عاملاً محددا ومهمًّا لحياة هذه الأنواع، فإن يد القدرة الإلهية
قد زودتها بخزانات مائية على درجة كبيرة من الدقة والإبداع، وهذه الخزانات
تقع في المثانات الخلفية لها، حيث تمثل احتياطيا للماء تحافظ عليه، ولا تتصرف
فيه إلا في أوقات الحاجة، وتظل ترتوي بهذا الماء فترة طويلة وبخاصة في نهاية
الصوم، فتبارك الله أحسن الخالقين.
صيام الجرذان النوامة
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الجرذان النوامة مجموعة من الثدييات التي تنتمي إلى رتبة القوارض، و
هي حيوانات اجتماعية، تعيش في جماعات أو على الأقل في أزواج، وتعنى
الإناث بتربية الصغار، وتعيش في أوروبا وآسيا الوسطى والجنوبية وفي
إفريقيا، هذا فضلاً عن الأنواع التي تستوطن أستراليا وغينيا الجديدة، وغالبًا
ما تعيش هذه الحيوانات في مناطق التلال والجبال والغايات والغتامن والبساتين
، وتعيش هذه الجرذان فوق الأشجار في فصل النشاط، وتتخذ لأنفسها أوكارًا بين
الأفرع والأغصان، أما في الشقاء فإنها تتخذ لأنفسها أوكارًا أرضية بين جذور
الأشجار؛ وذلك حتى تقضي فصل الشتاء في هذه الأوكار الأرضية.
وهذه الحيوانات حيوانات ليلية النشاط، تقضي بياض النهار في أوكارها،
ولا تبرحها إلا عند المساء وفي غشاوة الفجر سعيًا وراء تحصيل الرزق،
وهي تتغذى على الثمار والبذور المختلفة، كما أن منها أنواعًا تأكل الحشرات،
والبيض وصغار الطيور، فهذه المصادر توفر لها البروتين، أما المواد النباتية
فتوفر لها الكربوهيدرات، وإذا كانت القوارض بصفة عامة تمتاز بوجود الأعور
فإن هذه الجرذان تشد عن هذه القاعدة فلا يوجد بها هذا العضو.
وعندما تنخفض درجة الحرارة في بداية فصل الشتاء فإن هذه الجرذان تنوي
الصيام، وتدخل في بيات شتوي، فيعتريها الخمول والكسل، وتدخل في شبه
غيبوبة، حتى إنها لا تكاد تحس بما حولها، وربما يكون ذلك بسبب كمية الدهن
المخزنة في أجسامها، ويتم استهلاك هذا الدهن خلال فترة الصيام، وبانقضاء فصل
الشتاء وحلول الدفء فإن هذه الجرذان تستيقظ من نومها، وتفتح عيونها على ما حولها
، ثم تتحرك بحذر منهية صيامها بتناول ما يصادفها من طعام.
صيام البزاقات
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]البزاقات تنتمي إلى مجموعة الرخويات، وهي حيوانات واسعة الانتشار،
منها ما يعيش في المياه العذبة، ومنها ما يعيش في المياه المالحة، ومنها ما
يعيش في البيئة الأرضية، ولقد أخذت هذه التسمية بناء على رخاوة أجسامها
، ومنها ما يحمل بينه على ظهره، فحينما يحل الخطر فإنه يدخل هذا البيت، و
تمتاز البزاقات بأن لكل فرد منها صدفة أثرية على ظهرها، وهذه الصدفة مطمورة
في البرنس، وهذه الحيوانات تفضل الأماكن الرطبة من التربة، كما تقوم بدفن أنفسها
في الطبقة السطحية من التربة أثناء النهار، ثم تعاود النشاط ليلاً، وهي إنما تفعل
ذلك تفاديًا للحرارة والجفاف وضوء النهار، وتتغذى البزاقات على المواد العضوية
الموجودة بالتربة، بما في ذلك الأنسجة النباتية الحية.
وتقبل البزاقات على غذائها بنهم شديد حتى أن أجسامها تكتنز بالدهن، وإذا ما
حل الصيف فإنها تشعر بالخطر، ولذلك فإنها تدخل في بيات صيفي، وتستمر
صائمة حتى فصل الخريف، ويستوي في ذلك الذكر والأنثى، وقد هدى الله هذه
الحيوانات إلى صنع غلالة رقيقة من مادة جيلاتينية تحيط بجسمها لكي تحافظ
على ما به من رطوبة هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن هذه المواد الجيلاتينية
تجعل طعم الحيوان غير مستساغ لدى أعدائه، وبخاصة تلك التي تحاول التهامه،
ولولا هذه الوسائل لانقرضت هذه الأنواع نظرًا لأعدائها الكثيرة، كالطيور البرية
والضفادع والجرذان، وأفضل أوقات افتراس هذه البزاقات من قبل أعدائها وقت
الغسق، أو عند طلوع الفجر، وعقب المطر الغزير، وبخاصة في الأجواء الرطبة.
وعندما تقبل بشائر الخريف فإن هذه البزاقات تخرج من بياتها هذا معلنة انتهاء
صومها، باحثة عن طعامها بعد أن تكون قد تخلصت من تلك المواد الدهنية.
وبهذا فإن الله تعالى يضع بين أيدي عباده الكثير من الأمثلة التي تدل على
تنوع الحياة، كما تدل على وحدة الخلاق العليم.
صيام طائر القِطْقاط الذهبي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]صيام الكائنات الحية سبحان الله متجدد
إن طائر القِطْقاط الذهبي هو أحد الطيور المهاجرة، وموطنه الأصلي
هو كندا، ويقوم بالهجرة من كندا إلى أمريكا، وهي رحلة طويلة وشاقة.
ومما يزيد من مشقة هذه الرحلة، ويعمل على صعوبتها أن أسراب هذا
الطائر تقطع هذه الرحلة بصورة متصلة، فطول هذه الرحلة يصل إلى نحو ثلاثة آلاف ميل.
ومما يزيد من صعوبتها أنها تتم في سماء المحيط الهادي، وإذا كان من الطبيعي
أن يلجأ الإنسان والحيوان - خلال الرحلات الطويلة - إلى أن يقطعها على مراحل؛
حيث يلتقط بعض أنفاسه، ويريح جسمه المكدود لبعض الوقت، فضلاً عن تمكنه
من تناول بعض الطعام والشراب أو الوجبات الغذائية الخفيفة التي تناسب هذه الظروف
، فإننا نجد هذه الطيور تدخل في نوع من الصيام الإجباري والمتواصل ليلاً ونهارًا،
فليس أمامها من سبيل سوى مواصلة الرحلة، مع استمرار الصيام؛ فهي بين أمرين
أحلاهما مر، وهي تذكِّرنا بمقولة القائد المسلم لجنوده وقد أصبحوا مواجهة العدو حقيقة:
"البحر أمامكم، والعدو من ورائكم".
فهذه الطيور كذلك ليس أمامها من سبيل سوى مواصلة الرحلة والتشمير فيها
عن سواعد الجد؛ لأنها إذا أرادت الاستراحة والتقاط النفس، فإنها ستسقط حتمًا
في ماء المحيط، فنراها تستعين بالله لإنجاح رحلتها، وكأنها تنظر من شاهق
إلى صورها على صفحة الماء فتظنها أفرادًا قد أدركها الغرق، فتظن أنها أحسن
حالاً، ويظل يدفعها هذا المنظر على الابتعاد عن صفحة الماء؛ حتى لا تغرق في
لججها، وتستمر على هذه الحال صائمة طائرة لمدة ثلاثة عشر يومًا، وهي بهذا
تصوم صوم الوصال، الذي نهى عنه الرسول (صلى الله عليه وسلم) أصحابه؛
مُعلِّلاً ذلك بقوله: "إني أبيتُ عند ربي يطعمني طاعم، ويسقيني ساقٍ"، فإذا كان
الله قد قدر عليها هذه الرحلة الشاقة، فإنه يمدها بالطاقات التي تساعدها على إتمام
رسالتها، وتعمل على إنجاح مهمتها؛ فالشوق يدعوها، والأمل يحدوها.
ولا شك أن صيام هذه الطيور على هذا النحو يعطينا أعظم الدلالات على قدرة
الله سبحانه، ويضيف إلينا صورة أخرى وبعدًا آخر من أبعاد منظومة الأمم
والكائنات الصائمة؛ فإذا كنا قد ذكرنا أن ثعابين السمك تصوم صوم الوصال
العامين أو ثلاثة أعوام؛ سواء أكان ذلك في الصوم الأول وهو صيام الصغار،
أو كان في الصوم الأخير وهو صيام الكبار، فإن طائر القِطْقاط الذهبي يقوم
بهذه المَلْحمة في جو السماء؛ وعليه فإنه ما إن يصل إلى محطة استراحته،
حتى يستريح بعض الوقت؛ ليستعيد أنفاسه اللاهثة، ثم يواصل الحصول على
الطعام بشهية، وبكميات تفوق احتياجاته؛ حتى يدخر منها شيئًا في صورة مواد
دهنية، فما زالت رحلة العودة -في نفس الطريق- تدق في ذهنه، وتلح على خاطره.
صيام طائر الطرسوح
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]إن هذا العالم لا تنقضي غرائبه، ولا تنتهي عجائبه، ولكن هذه الغرائب
وتلك العجائب ينبغي ألا تمر عن العاقل مرور الكرام، بل عليه أن يأخذ
منها مِرْقَاةً للوصول؛ لكي يحظى من الله بالقبول.
نعيش اليوم في رحاب طائر مائي يُدْعَى "الطرسوح"؛ فلهذه الطيور
سبعة عشر نوعًا، تعيش كلها في البحار الباردة في منطقة القطب المتجمد
الشمالي، وتقضي هذه الطيور أكثر من ثلثي حياتها سابحة ومتجولة في
مياه البحار؛ بحثًا عن غذائها، فتلتهم منه الشيء الكثير، وهو بطبيعة الحال
يزيد عن احتياجاتها الفعلية، فتخزن الكميات الزائدة على هيئة دهون تستخدمها
وتتقوى بها أيام المسغبة، ولا تبرح هذه الأنواع تلك المياه إلا لفترات محدودة
بغرض التزاوج، ووضع البيض، ورعاية الصغار، وتغيير الريش، فإذا كان
الريش مهمًّا للطيور جميعًا، فإنه أكثر أهمية للطيور المائية؛ فهو يساعدها
على العوم والسباحة.
والطريف في حياة هذه الأنواع جميعًا أنها إذا ما أرادت التزاوج، فإنها تهجر
مياه البحر وتقطن اليابسة، فتنشئ الأعشاش المناسبة، وتضع الإناث بيضها
في هذه الأعشاش، وببداية وضع البيض تدخل تلك الطيور في مرحلة من
مراحل الصيام تمتد خمسة أسابيع.
ولك أن تعجب من هذا الصيام الجماعي الذي تتجلَّى فيه دقَّة العدل الإلهي،
والتي توقفنا على مشهد من مشاهده في دنيا الأحياء؛ فالأنثى التي لحقها الجهد
من وضع البيض تظل صائمة طيلة الأسبوعين الأوليين من وضع البيض، ثم
بعد ذلك تتحلَّل من صومها، وتهرع إلى مياه البحر؛ لتنال من رزق الله تعالى شيئًا
تتقوى به على مواصلة الرحلة.
أما الذكر فإنه هو الآخر يتقدم ليحمل عبء المشاركة في هذه الحضانة طيلة
فترة ثلاثة أسابيع؛ حتى يفقس البيض، وتخرج منه الفراخ الصغار. ويقضي
الذكر هذه الفترة هو الآخر لا يذوق شيئًا؛ فبعد أن تخرج الصغار تخفّ الأم
مسرعة لتلبية مطالب الصغار، وسد احتياجاتها، في حين يهرع الذكر إلى ماء
البحر لينال منه طعامًا وشرابًا، ثم يعود لمشاركة الأنثى تربية الصغار، ولا
تندهش إذا ما علمت أن صيام الذكر هذه الفترة يجعله يفقد نصف وزنه.
إنها التضحية التي يبذلها الحيوان الأعجم بسعادة وسرور، ولا ينتظر حيالها أي
مقابل، ثم لا تلبث تلك الطيور المجهدة المكدودة أن تبدِّل ريشها القديم، ويكسو
جسمها ريش جديد زاهٍ تختال به وتفاخر به أقرانها، فقد أدَّت مهمة جليلة من أجل
بقاء نوعها.
فمن الذي علَّمها هذا السلوك؟! ومن الذي هداها إلى تقسيم أعمال الحضانة على
هذا النحو، بل والعدل فيه؟! من الذي هداها لهذا كله؟!
إنه الله (الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى).
صيام ديدان الحرير
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]يقدم لنا عالم الحشرات أنماطًا من الصيام تدل على قدرة الله غي الخلق والإيجاد
، وإنه إذا كان المعلوم المشاهَد في دنيا الناس أن تناول الطعام أحد أسباب نمو
الكائن الحي وتطوره، فإن ديدان الحرير تدلنا على أن الصوم التام، والامتناع
عن تناول الطعام والشراب لا يُلحق بالجسم الضعف والوهن، وإنما يعيد صياغة
هذه المخلوقات بطريقة جميلة وأخَّاذة بالألباب، وحتى نقف على أسرار هذا الصيام
فلا بد لنا من معرفة سريعة بدورة حياة هذه المخلوقات، والتي نستطيع بيانها
على النحو التالي:
- في أوائل فصل الربيع يفقس البيض عن يرقات صغيرة نهمة، لا تلبث
أن تتغذى على أوراق أشجار التوت لمدة خمسة أيام، فيمتلئ جسمها ويكبر
إلى درجة يضيق عنها جلدها؛ فيصبح من المحتم عليها أن تنزع عنها هذا
اللباس لتستبدل به لباسًا آخر رحبًا فسيحًا، فلا تجد أمامها إلا الصيام لمدة يوم
أو يومين، ريثما يتهيأ جسمها فسيولوجيًّا لنبذ هذا الإهاب. وتتكرر في هذه
العملية خلال الطور اليرقي هذا خمس مرات في مدة تبلغ نحو ثلاثين يومًا،
وفي نهايتها تبلغ تمام نموِّها، وتصل إلى حجم ملحوظ.
حينما تبلغ اليرقة هذا الحجم، فإن عليها أن تدخل نوعًا آخر من الصيام يصل
نحو ستة أيام، فتلجأ إلى مكان هادئ لكي تُعِدّ لنفسها خدرًا تأوي إليه، ولَكَمْ
تستولي علينا الدهشة، ويستبد بنا العجب إذا ما علمنا أنها تنسج خيطًا حريريًّا
وحيدًا يصل طوله من 400 إلى 1200 متر!! وتظل تحرك رأسها حتى يتكوَّن
هذا الخدر والذي يُعرف باسم "الشرنقة"، وهو من حرير القز، الذي تتوق النفس
لارتداء ثوب منه، لولا أن الله قد حرَّمه على الرجال وأباحه للنساء فهو مناسب
لطبيعتهن، وحينئذ يُقال إن الدودة قد عذرت - أي دخلت طور العذراء - وهو
طور ساكن يحتاج إلى الهدوء التام؛ لأنه في حقيقته الأمر ليس مرحلة من مراحل
النمو، أو حالة من حالات السبات، وإن كان يبدو كذلك، وإنما هو يمثل مرحلة هامة
في حياة هذه الحشرة؛ حيث تتعرض لكثير من التحولات السريعة والمتلاحقة، والتي
يتم على إثرها إعادة صياغتها وتحولها إلى مرحلة أخرى.
وفي نهاية هذا الطور وتلك المرحلة، فإن الدودة الساكنة الصائمة تتحول إلى
مارد عملاق، عليه أن يحطِّم القيود والأغلال ليخرج إلى الحياة الرَّحبة الفسيحة،
فيفرز سائلاً كاويًا يذيب جزءاً من هذه الشرنقة، فيُزاح الستار عن كائن جميل
هو فراشة ديدان الحرير، التي تضع بيضها بعد الإخصاب، وتقضي بقية عمرها
التي تصل نحو خمسة أيام صائمة؛ لتودع الدنيا كما أتت إليها خاوية الوفاض،
وتُنزل بيضها المُخصَّب حتى الربيع القادم ليعاود الكَرَّة من جديد؛ فسبحان الله المبدئ المعيد!!.
صيام اللِّمِنْج
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]نصحبك إلى رحاب آية من آيات الله العجيبة، تلك هي حقيقة صيام حيوان
"اللمنج". هذا الحيوان حيوان ثديي في حجم الفأر، يكسو جسمه فراء بُنِّي
ضارب إلى الصُّفْرة، وله أرجل قصيرة بالنسبة إلى حجمه، وله أذنان
رفيعتان تختفيان خلال فرائه السميك، كما أن ذنبه قصير.
ويعيش هذا الحيوان في بلاد النرويج، ويتكاثر بدرجة فائقة؛ ذلك لأن إناث
هذا الحيوان تلد في السنة ثلاث مرات أو أربع مرات، وهذا على خلاف ما
نشاهده في الحيوانات الثديية التي تلد في العام مرة واحدة؛ فهذا الحيوان يعتبر
من الحيوانات الثديية، كما أن الأنثى تلد في العام 27 فردًا، بواقع تسعة أفراد
في كل بطن؛ ولذلك فإننا نتوقع أن تتضاعف أعداد هذا الحيوان أضعافًا مضاعفة
خلال فترة وجيزة من الزمن، إلى حد أن ذريته تغطي وجه الأرض التي تقطنها
بأكملها، وهذه صورة تذهل العقل.
وعندما تصل أعداد هذا الحيوان إلى هذا الحد فإنها تترك هذه المنطقة، والتي
هي بمثابة منطقة نفوذ لها، وتقوم برحلة شاقة؛ فتضرب في الوديان، متجهة
إلى الجنوب، مخترقة الغابات والحقول. إنه زحف رهيب؛ فهذه الأفراد،
التي تُعَدُّ بالملايين، يندفع بعضها وراء بعض في أسراب يزيد عرض السرب
فيها على نحو ثلاثة أميال، وتستمر في اندفاعها في سير متواصل ليل نهار،
وقد يمتد ذلك نحو سنتين، ولا شك أنه يلحقها الضعف والوهن، وتطاردها
الحيوانات الجارحة والمفترسات.
وأخيرًا تصل هذه الحيوانات الصائمة إلى شاطئ البحر، فتنتهي حياتها بشكل
مأساوي؛ حيث تلقي بنفسها في لجة الماء، لتودع الحياة على هذا النحو الغريب،
وليسدل الشتاء على هذه الحيوانات، وتترك أهل الدنيا يكدون ويكدحون، وكأنها
تلقنهم درسًا مؤداه: هذه هي النهاية، طالت الحياة أم قصرت.
ولنا أن نعقب على هذا من الناحية العلمية فنقول: "إن السر وراء هذه الأحداث
جميعًا، والدخول في فترة صيام طويل يصل إلى نحو عامين متواصلين، لا في
حالة سكون، ولكن في حالة حركة واضطراب، وسعي إلى المجهول، السر
وراء ذلك كله هو الآثار التي تنتج عن التنافس الحاد والشديد بين الأعداد
الغفيرة والجيوش الوفيرة، التي تتولد عنها هذه الحالة الحادة من السأم والتوجه إلى
هذا المعبر المحتوم على هذا النحو، كما أنها تعتبر نوعًا من التوازن البيئي، فلو
استمرت هذه الأنواع في هذا التكاثر المتواصل لأمكن أن تملأ وجه الأرض؛ فتهدِّد
المحاصيل، وتهدِّد كل ما تصادفه؛ ولهذا فإن الله قدر عليها هذا النمط المعيشي كنوع
من ضبط أعدادها، ولعلَّ البشر يدركون مدى إنعام الله عليهم بنعمة الصيام العبادي المنظم".
أ. د. عبد الحكم عبد اللطيف الصعيدي
كلية الزراعة - جامعة الأزهر
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]